Monday, April 9, 2018

في ظلال اية....: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ}

قال الله تبارك وتعالى : {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ④}
[سورة البلد ]
 قـــال القرطبـــي:
 قــال علماؤنـــا :
أول ما يكابد قطع سرته
ثم إذا قمط قماطا ، وشد رباطا ، يكابد الضيق والتعب
ثم يكابد الارتضاع ، ولو فاته لضاع
ثم يكابد نبت أسنانه ، وتحرك لسانه
ثم يكابد الفطام ، الذي هو أشد من اللطام
ثم يكابد الختان ، والأوجاع والأحزان
ثم يكابد المعلم وصولته ، والمؤدب وسياسته ، والأستاذ وهيبته
ثم يكابد شغل التزويج والتعجيل فيه
ثم يكابد شغل الأولاد ، والخدم والأجناد
ثم يكابد شغل الدور ، وبناء القصور
ثم الكبر والهرم ، وضعف الركبة والقدم ، في مصائب يكثر تعدادها ،
 ونوائب يطول إيرادها ، من صداع الرأس ، ووجع الأضراس ، 
ورمد العين ، وغم الدين ، ووجع السن ، وألم الأذن
ويكابد محنا في المال والنفس ، مثل الضرب والحبس ، 
ولا يمضي عليه يوم إلا يقاسي فيه شدة ، ولا يكابد إلا مشقة
ثم الموت بعد ذلك كله
ثم مسألة الملك ، وضغطة القبر وظلمته
ثم البعث والعرض على الله ، إلى أن يستقر به القرار ،
 إما في الجنة وإما في النار قال الله تعالى : {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ}
فلو كان الأمر إليه لما اختار هذه الشدائد.
ودل هذا على أن له خالقا دبره ، وقضى عليه بهذه الأحوال فليمتثل أمره
[تفسير القرطبي: ٢٠ / ٦٢ـ٦٣]